الاثنين، 12 يناير 2009

إبراهيم شكرى المجاهد الإنسان

إبراهيم محمود شكرى، سياسي مصري ووزير سابق بالحكومة المصرية، مؤسس ورئيس حزب العمل الإشتراكي (أحد أحزاب المعارضة المصرية)

1 نشأته
2 بداياته
3 تأسيسه حزب العمل الاشتراكي
4 وفاته


نشأته
ولد عام 1916 . ينتمي شكري لأسر ثرية و عريقة في مدينة
شربين محافظة الدقهلية في منطقة وسط مصر. والده محمود شكري كان من حملة لقب باشا، والدته زينب واصف.
تخرج عام
1939 من كلية الزراعة - جامعة القاهرة

بداياته
أثناء دراسته في نوفمبر
1935 اصيب برصاص الإنجليز.و ذلك خلال مظاهرة للطلبة ضد الاحتلال الإنجليزي. اصبح نائبا في البرلمان 1949، حيث كان إشتراكيا في ذلك الوقت. تقدم بمشروع قانون بتحديد الملكية بخمسين فدانا. تم سجنه بسبب مقالة له في جريدة الاشتراكية حيث قال: اننا نرى ان وجودنا في السجون للدفاع عن حرية الشعب، هو احسن وافضل من أي نزهة نقضيها على افخر يخت في العالم. و هو ما أعتبر وقتها تلميحا ليخت الملك فاروق، فخر البحار، و حكم عليه بالسجن سبع أشهر بتهمة تحبيذ العيب في الذات الملكية، .لكن الله شاء أن يخرج من السجن بعد عدة أسابيع في 27 يوليو 1952. إثر إندلاع ثورة الضباط الأحرار على الملك فاروق. حيث غادر السجن إلى كوبري القبة، حيث قابل وقتها محمد نجيب و جمال عبدالناصر.
انتخب شكري عضوا في مجلس الامة أكثر من مرة.واستمر على نهجه في الدفاع عن الفقراء
شغل موقع نقيب الزراعيين.
إستلم في
25 سبتمبر 1952م رئاسة حزب مصر الفتاة الإشتراكي، و ذلك بعد تنحي أحمد حسين.
في عام
1972 تم تعينه محافظ الوادى الجديد،
أصبح رئيس لجنة الزراعة في مجلس الشعب
اختاره
أنور السادات وزيرا للزراعة في عهد حكومة ممدوح سالم، وظل في المنصب حتى استقال - عام 1978.

تأسيسه حزب العمل الاشتراكي
كان
أنور السادات يحاول تحجيم الأحزاب الماركسية، فقام بالدعوة لقيام الحزب الوطني الديمقراطي ورأى المهندس إبراهيم شكري في هذه المرحلة فرصة لاحياء فكر حركة مصر الفتاة,فقرر التقدم إلى لحنة الأحزاب لانشاء حزب العمل الاشتراكي .وبالفعل تكلل مسعاه بالنجاح في تشكيل الحزب. ومن أجل ذلك استقال شكري من منصبه كوزير للزراعة في 1978 و أعلن قيام "حزب العمل الاشتراكي" حيث أعلن برنامج الحزب في 9 سبتمبر 1978.وتضمن برنامج الحزب خط الدفاع عن الفقراء والمطحونين من أبناء مصر .كما تبنى نهجا اسلاميا معتدلا.والتزم بمكانة مصر العربية ،وتصدي لمحاولات عزل مصر عن العرب . ووقف بقوة ضد محاولات السادات ومبارك التقارب مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. ومن ذلك معركة حزب العمل ضد محاولات السادات مد مياه النيل لاسرائيل.وكانت جريدة الشعب الناطقة بلسان الحزب تجمعا وطنيا لكل القوى المحجوبة عن العمل الوطني من جانب السادات ثم مبارك . وخاضت الجريدة العديد من المعارك الوطنية ومنها التصدي لعمليات التطبيع مع إسرائيل. فضاق بها نظام مبارك فقرر اغلاقها في مايو عام2000,ومنذ اغلاق الجريدة خسرت مصر صوتا وطنيا حقيقيا دافع عن الفقراء والمظلومين.
وفاته
توفي يوم 5 أغسطس 2008م
عندما تدافعت الجماهير الغفيرة في ساحة مسجد «عمرو بن العاص» عند خروجها وراء جثمان ابن مصر البار «إبراهيم شكري» كدت أسقط وسط الزحام في ظل جو شديد الحرارة،
ومر بخاطري شريط الذكريات البعيدة من عصر ولّي، وحقبة في تاريخ مصر الحديث تلملم أوراقها، ولقد كان آخر اتصال بيني وبين الراحل الكبير عندما هاتفني تليفونياً عدة مرات في الأسابيع الأخيرة قبيل سقوط «بغداد» أمام الغزو الأمريكي،
وكنت أشفق عليه في تلك السن المتقدمة من رحلة الذهاب إلي العراق مناصراً شعبها ضد الاحتلال الأجنبي، ولكن إصراره الهادئ وإيمانه العميق وشعوره بالمسؤولية القومية لم تترك لي فرصة لإثنائه عن عزمه، وواقع الأمر أن علاقتي «بالمجاهد الكبير» بدأت منذ عدة عقود وظلت مستمرة لم يفرق فيها الرجل بين مرحلة قربي من السلطة أو إبعادي عنها، فقد تعامل معي دائماً كابن عزيز وصديق قريب رغم اختلاف توجهاتنا أحياناً وتباين وجهات نظرنا تجاه عدد من القضايا العصرية والإقليمية،
إنه «إبراهيم شكري» ابن الارستقراطية الريفية وواحد من أطول القيادات تواصلاً مع العمل الوطني العام، إنه رفيق «عبد الحكيم الجراحي» في ثورة الطلاب ضد الاحتلال البريطاني فلقد بدأ رحلة جهاده منذ منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي إلي أن دخل مرحلة غيبوبة النهاية مكملاً رحلة سبعين عاماً من النضال الذي لم يتوقف في العصرين الملكي والجمهوري داخل السلطة وخارجها، وقد كان محافظاً للوادي الجديد ووزيراً للزراعة ونقيباً لمهندسيها، ورغم أنه كان ينتمي إلي عائلة عريقة وثرية فإنه آثر دائماً أن يكون بمنأي عن حياة الترف والثروة وأن يبقي دائماً قريباً من حياة الكادحين والفقراء والمعذبين في الأرض،
ولقد تبني «إبراهيم شكري» علي امتداد مسيرة حياته الطويلة مبادئ الفكر الاشتراكي مقترنة بأطروحات وطنية مصرية، ولقد كانت صلابته محل إعجابنا جميعاً، فقد ظل الرجل وفياً لمبادئه حريصاً علي كرامته يعيش هموم الوطن وشجون الأمة، إذ يحفل تاريخه قبل الثالث والعشرين من يوليو ١٩٥٢ بمبادرات سياسية واجتماعية ذات طابع إنساني، فقد تحدث عن تحديد الملكية الزراعية ومقاومة الإقطاع، وقدم إرهاصات مبكرة مع عدد من رفاقه المستنيرين تشير إلي قانون «الإصلاح الزراعي» الذي تبنته ثورة يوليو بعد ذلك، كما كانت له مواقفه الوطنية التي جلبت عليه المشكلات وجعلته عرضة للمساءلة والاضطهاد،
كما كان برلمانياً رفيع الشأن في العصرين الملكي والجمهوري، والمهم أن ذلك كله قد اقترن بالخلق الرفيع والسمو الشخصي والارتفاع عن الصغائر فكان هو «المجاهد الكبير» و«الفارس النبيل» في وقت واحد، وإن كان «إبراهيم شكري» قد تأثر ببعض الأفكار الاشتراكية المتشددة والنزعات القومية المتطرفة وعايش تجربة حزب «مصر الفتاة» بحدته وثوريته فإنه ظل دائماً نموذجاً للكبرياء الوطني والتعبير الشعبي عن الطبقات الأكثر عدداً والأشد فقراً، وعندما بدأ الرئيس الراحل «أنور السادات» الاتجاه نحو التعددية السياسية،
كان «إبراهيم شكري» هو صوت المعارضة التي تستقيم معها التجربة، فلقد اكتشف «السادات» مبكراً أن النظام السياسي لا يحتوي الحزب الحاكم وحده ولكنه يحتاج أيضاً إلي معارضة تكمل دوره وتضع الإطار الصحيح للديمقراطية السليمة حتي دفع «السادات» بصهره القريب إلي قلبه البرلماني الراحل «محمود أبووافية» لكي يكون شريكاً مع «إبراهيم شكري» في حزب يعارض حزب «السادات» مع بداية التجربة الديمقراطية في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، وأدي «إبراهيم شكري» دوره دون رضوخ أو مهادنة وأيضاً دون صخب أو ضجيج إلي أن وفدت علي حزبه بعض عناصر الإسلام السياسي، فتوترت العلاقة بين ذلك الحزب والدولة، وانتهت إلي قرار تعطيل صحيفته.
وتحمل «إبراهيم شكري» الموقف في صلابة وهدوء معتصماً بعفة اللسان وسمو الخلق، ومازلت أتذكر مواجهة بينه وبين أحد وزراء الداخلية في مصر الذي كان معروفاً بسطوته وحدّة لسانه، ولكن «إبراهيم شكري» كان دائماً هو الثائر الوديع المناضل الهادئ الذي يمتص المواقف ولا يهوي التصعيد إلا إذا كان مضطراً إليه ولا بديل عنه، ولقد تواصل ذلك الرجل الكبير معي دون انقطاع، وظل يتبادل معي الرأي في أوقات لم يكن لي فيها حول ولا قوة،
وتلك صفة رائعة في «إبراهيم شكري» أنه كان يخاطب العقل قبل السلطة ويناقش الفكر قبل القرار، ومنذ أسابيع قليلة كنا نحتفل بانتهاء خدمة أول عميدة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأستاذة الدكتورة «مني البرادعي» قرينة الأستاذ الدكتور «إسماعيل إبراهيم شكري» الطبيب المعروف،
وفي حضور شقيقها صديقي العزيز الدكتور «محمد البرادعي» مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي كان في «القاهرة» ليتسلم الدكتوراه الفخرية من جامعتها العريقة ضمن الاحتفال بمئويتها الأولي، وفي حضور شقيقته الثانية الأستاذة الجامعية المتزوجة أيضاً من ابن آخر «للمجاهد الكبير» هو المهندس «إبراهيم إبراهيم شكري»،
ويومها سألتهم أثناء عشاء التكريم في النادي الدبلوماسي المصري عن صحة المناضل الكبير الذي جاوز التسعين من عمره الحافل بالتحديات والإنجازات، وجاءت إجابتهم لي حزينة مؤلمة عندما قال لي الدكتور «إسماعيل» إن المجاهد الكبير قد بدأ يدخل أحياناً في سبات الغيبوبة، يومها أدركت أن النهاية قد اقتربت، وأنه قد آن للمحارب أن يستريح وللفارس أن ينزل من فوق صهوة جواده إلي حيث عالم الأبدية بلا عودة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق